3/9/2017
من أكثر المسائل جدلية في الإسلام مسألة تعدد الزوجات. ومن أكثر المسائل التي أسيء استخدامها أيضا. ولأنني لست بعالمة في الدين ولا بفقيهة، فإنني أعلم أنه لا يجب علي الإسهاب في تفسير الآيات التي ذكر فيها التعدد لأنني لم أبحث فيها لأتصدر للحديث عنها. لكن بعد بحث جديّ حول الحيوانات الثدييات الذكور في الطبيعة منذ أن خلقها الله حتى اليوم، وبعد تتبع مسار تطورها عبر العصور فإن معظمها يعتبر متعددا. أي أن الذكر الواحد يتزاوج مع أكثر من أنثى. وأكبر مثال القردة و هي الأقرب للإنسان.
وهناك نقاش علمي يدور حاليا حول الإنسان الذكر هل هو بطبيعته متعدد مثل معظم الحيوانات الثدية أم أن تميزه بالعقل جعله أحاديا، أي أنه يكتفي بأنثى واحدة؟
لكني أعرف أن الرجل ليسمح لنفسه بأن يعجب بامرأة أقل منه علما أو مالا أو فكرا، بغض النظر إن كان جديا في علاقته أم لا. بينما لا ترضى المرأة لنفسها بأحد أقل منها عادة. ربما لأن الرجال عادة ما يهمهم الشكل الخارجي للمرأة أكثر من أي شيء آخر عند الزواج للمرة الأولى بالذات. بينما تفكر المرأة استراتيجيا هل يصلح هذا الرجل كأب لأطفالي أم لا؟ هل سيكون رفيق درب صالح أم لا؟ حتى عندما تفكر من ناحية مادية فهي تعلم يقينا أنها ستدخل في شراكة استراتيجية طويلة المدى لذا تحاول أن تكون حكيمة.
وعليه فإن الرجل يسمح لنفسه بأن يبدأ بالتفكير بامرأة غير زوجته، حتى ولو لم يكن جديا. وأن يبدأ بالتفكير يعني أن يلتفت فقط إلى غير زوجته. و هذه بحد ذاتها خيانة. لأن الالتفاتة وحدها تعني أنه فتح باب قلبه أو غريزته وبالتأكيد ليس عقله. وهو إذ خطا أولى خطواته في تلك الطريق فإن النهاية لا بد واحدة من اثنتين، الخيانة الفعلية أو التعدد عند المسلمين وبالتحديد الذي يلقبون أنفسهم بالملتزمين. وهم أبعد ما يكونون عن الدين. لأنهم يمتطون الإسلام لتلبية غرائزهم وتحقيق رغباتهم والإسلام منهم براء.
لأنه من الطبيعي و المتوقع أن يلتقي الإنسان في حياته بمن يكون أغنى أو أجمل أو أفضل في نواحي معينة من شريك عمره، لأنه لا يوجد إنسان كامل. و هنا عبثا نتحدث في أن يكون قرار الزواج واع و مسؤول للطرفين وقائم على أسس ثابتة وقناعة مطلقة بالطرف الآخر بخيره و شره، بعيوبه و حسناته. حينها عندما يلتقي الواحد منهم بمن هو أفضل في بعض النواحي يكون موقنا أن خياره بشكل عام هو الأنسب له. لأنه عادة لا نرى من الناس إلا الظاهر. لكن عندما يتمادى الرجل في إعجابه بما ليس له ليتحول إلى رغبة ملحة بالزواج لا يستطيع عنها صبرا، هو ما أتحدث عنه. السؤال هنا أن كيف وصل إلى هذه المرحلة؟؟ تلك المرحلة التي تسبق زواجه بالثانية. كيف تدرج في النظر و الإعجاب و التعلق و الحب، و هو متزوج أصلا؟؟ أوليس حد الزاني المحصن الرجم؟ أوليس النظر بداية الزنا؟ أليست هذه بخيانة؟ يقول تعالى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيلا
وأكرر أنني لست هنا بصدد الحديث عن التعدد وهل هو مباح حقا أم أنه كان مشروطا بظروف و فترات زمنية محددة حيث انه جاء لتقليل وتحديد العلاقات بعد أن كان الرجل في الجاهلية يتزوج ما شاء وله من ملك يمينه من الجواري ما شاء أيضا. وهذا لا يستدل به على المطلق. حيث أنني أعتقد أنه من الأمور التي لا بد من فتح باب الاجتهاد فيها. ولكل من سيقول لي أن التعدد في الزواج للرجل أفضل من أن يخون في علاقات نسائية محرمة أقول له أنت تحاول أن تبرر للرجل أخطاءه ولا تعطي هذه الفرصة للمرأة بالمقابل.
لأن المرأة عادة لا تسمح لنفسها بالتفكير برجل آخر إن كانت متزوجة مع أنه لديها مخرج مباح إن دخلت تلك الطريق وهي أن تطلق زوجها.
فكم نسمع عن امرأة تعلقت برجل آخر وعليه طلبت الطلاق من زوجها؟؟ وهل تستطيع إخبار زوجها والمجتمع أنها تعلقت برجل آخر أم أن هذا يعتبر حراما وعيبا. و ليس شرطا أن يكون في تعلقها فعل حرام. بل لربما تعلقا قلبيا فحسب. أما الرجل فيسمح لنفسه بأن يتعلق بامرأة غير زوجته لأنه يستطيع التعدد و يستنكر ذلك على زوجته و تستطيع الطلاق. ولست أتحدث عن الخيانة الفعلية لأنها منكرة على الطرفين. والطلاق كما التعدد مباح. وفي الحالتين الأسرة تتعرض لخطر التفكك و تصبح البيئة غير مستقرة لتربية الأطفال، خاصة إن كان الطلاق أو التعدد بدون رضى الطرفين الكامل و الحقيقي.
إذا لماذا على المرأة أن تكبح رغباتها وغرائزها، بينما يعلق الرجل أخطاءه واندفاعه على شماعة الرغبة و الغريزة؟؟
لذا كان لزاما على كل من يقبل بتعلق الرجل بامرأة عدا زوجته لأن الله حلل له الزواج بأربعة، أن يقبل و يتفهم تعلق المرأة برجل آخر تعلقا قلبيا وأن يشجعها أن تطلق زوجها دون أن يستنكر فعلها لأن الله أباح لها الطلاق.
و هنا يأتي من يقول أن غريزة الرجل أقوى من غريزة المرأة، لذا الرجل لا يستطيع السيطرة على رغبته، أتعجب، أوليس الرجل هو صاحب العقل و الحكمة؟ و أنوه هنا أنه حتى الآن لا يوجد دليل علمي قاطع على أن غريزة الرجل أقوى من غريزة المرأة. هما مختلفان في الغريزة، نعم. لكن هل التاريخ الذكوري و المجتمعات الذكورية منذ الأزل دأبت على تثبيط غريزة المرأة بحجة الخجل و الحياء أم كانت شماعة وضعها الرجل ليبرر اندفاعه وأخطاءه؟
إن لم يكن في التعدد خيانة، لماذا عادة ما يتم في السر بدون إبلاغ الزوجة الأولى؟ و لماذا يؤذي الزوجة بشكل كبير و يكسرها؟ و في النهاية لا أرى التعدد في عصرنا هذا سوى كلمة حق أريد بها باطل!