16/6/2019
(تقترن الثورة بالشباب، فبماذا يمكن أن تَعِد الثورة الراشدين؟ قد تَِعد بعضهم بزوال الحظوة، بينما تعد آخرين بالامتيازات، لكنها ليست امتيازات ذات بال، لأنّها لا تتعلّق إلا بالجانب الأكثر بؤساً من الحياة. فامتيازاتها تكون مقرونة بالشّك والعمل المضني وانقلاب عادات الحياة.
أما الشباب فأوفر حظاً :فهو غير مثقل بالأخطاء، والثورة تستطيع أن تشمله بحمايتها تماماً. ثم إن الشّك الذي يطبع فترات الثورة يشكّل بالنسبة إلى الشباب، مزيّة: لأن عالم الآباء هو الذي يتسرب إليه الشك: آه! ما أروع أن تَلِج عالم الراشدين حينما تنهار معاقلهم!)
صدق كونديرا، ففي شارع بين ميدان وينسيسلاس والمسرح الوطني ، تجد هذه اللوحة البرونزية الصغيرة ذات الأيادي و الأصابع الرمزية للطلاب التشيكيين الثائرين مزينة بالورود ، هذا النصب التذكاري لواحدة من أهم اللحظات في تاريخ التشيك والتشيكوسلوفاكيا، و هو بداية الثورة المخملية أو الصامتة.
في 17 نوفمبر ١٩٨٩ (يوم الطلاب الدوليين) قامت مظاهرة طلابية في براغ، احتفالا بالذكرى السنوية الخمسين لمظاهرة طلابية كانت قد قامت ضد الاجتياح النازي لجامعة براغ عام ١٩٣٩ و قد تم قمعها بعنف مما أدى إلى اعتقال ١٢٠٠ طالب وقتل ٩. في هذه الذكرى قمعت شرطة مكافحة الشغب مظاهرة طلابية جديدة ما أدى إلى مقتل طالب واحد، فكانت بداية سلسلة من المظاهرات عام ١٩٨٨ من ١٧ نوفمبر إلى نهاية ديسمبر وتحولت إلى مظاهرة مناهضة للشيوعية. في ٢٠ نوفمبر ، ارتفع عدد المتظاهرين الذين تجمعوا في براغ من 200000 في اليوم السابق إلى ما يقدر بنحو 500000 ، استقالت على إثرها القيادة العليا للحزب الشيوعي برمته ، بما في ذلك الأمين العام ميلوش جاكيش ، في 24 نوفمبر ، تم تنظيم إضراب عام لمدة ساعتين شارك فيه جميع مواطني تشيكوسلوفاكيا.
مثلت هذه الثورة المخملية انتقالًا غير عنيف للسلطة، فقد قامت المظاهرات الشعبية ضد حكومة الحزب الواحد، ضم الحزب الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا الطلاب والمعارضين الأكبر سناً. وكانت النتيجة هي نهاية 41 عامًا من حكم الحزب الواحد في تشيكوسلوفاكيا ، والتفكيك اللاحق للاقتصاد الموجه والتحويل إلى جمهورية برلمانية.
ميلان كونديرا، الروائي الفرنسي الجنسية التشيكي الأصل الذي تم نفيه و حرمانه من جنسيته التشيكية و منع مؤلفاته بسبب نشاطه السياسي منذ ٤٠ عاما، و قام رئيس وزراء التشيك في العام الماضي بعرض إعادة الجنسية التشيكية له و لزوجته اعترافا بفضله الأدبي.