2/10/2019
كان أول إضراب فعلي في التاريخ في عهد رمسيس الثالث في مصر القديمة عام ١١٥٢ قبل الميلاد، حيث توقف الحرفيون عن العمل لأنه لم يتم دفع أجورهم، و قامت السلطات المصرية بعدها برفع أجورهم.
الإضراب هو التوقف عن العمل من قبل العاملين في مكان أو مجال ما كردة فعل لعدم استجابة الجهة المعنية لمطالبهم المشروعة من زيادة في الأجر أو تحسين ظروف العمل. و أحيانا يستخدم الإضراب للضغط على الحكومات لتغيير سياساتها. و أحيانا يصل الإضراب لأن يزلزل قواعد فصيل سياسي محدد أو حاكم، و هنا يتحول الإضراب إلى حركة اجتماعية أوسع و من ثم إلى مقاومة شعبية أو أهلية.
أما أول ظهور لمصطلح (إضراب) و تطور المصطلح فكان في ١٧٦٨ عندما أضرب البحارة في لندن و قاموا بشل حركة السفن، كدعم لتظاهرات في لندن في تلك الفترة. و قامت الجهات الرسمية باستخدام )التوقف عن العمل( كمصطلح محايد بدون ظلال ثورية. و بعد الثورة الصناعية أصبحت الإضرابات ملمح من ملامح الطبقة العاملة، و كانت معظمها تنظم من قبل الاتحادات العمالية خلال المفاوضات كخطوة أخيرة. و شيئا فشيئا بدأت موازين القوى ترجح كفة العمال. فبسبب الإضراب العام في بريطانيا عام ١٨٤٢ حيث بدأ بعاملين المناجم ليتنقل إلى العديد من الصناعات، تحولت الطبقة العاملة المهمشة إلى قوة لا يستهان بها، حتى أصبحت أقوى طبقة في إنجلترا حسبما ذكر فريدرك انجلز في كتابه ( حال الطبقة العاملة في إنجلترا). فعندما شعرت هذه الطبقة بقوتها و قدرتها على التأثير، و انتقل هذا الشعور إلى العقل الواعي لأفرادها تحولت إلى قوة لا تقهر، يحُسب لها ألف حساب.
أما بيير رودون، الفيلسوف و السياسي الفرنسي الذي كان يطالب بتحويل الاقتصاد من أيدي الرأسماليين وأصحاب الأموال إلى العمال، فقد اعتبر أنه لا بد من الخلق الواعي للشعوب التي تم إيقاظها، و حينها تظهر الأخلاق، تلك التي تعتمد على الصدق و الإلتزام و احترام الذات و المسؤولية الفردية، و التي يؤمن بودون بأنها موروثة عند الطبقات العاملة، كمبادئ تم تطويرها و تحفيزها و التركيز عليها عندهم. على النقيض من السياسيين و الصناعيين و رجال الأعمال و أولئك الذين يخدمونهم، فقد تقاعسوا و كانوا عاجزين عن تطوير تلك الأخلاقيات بسبب طبيعة حياتهم اليومية من نشاطات اقتصادية و سياسية التي كان من شأنها منعهم من ذلك.
و بناء على هذا فإن حركة الطبقة العاملة تحديدا ليست سوى استنهاض لنبل الأخلاق في المجتمع ، في حين أن الاستغلال الاقتصادي المدعوم بالقوة السياسية يرسخ الفساد الذي جُبلت عليه هذه الطبقة. و هنا يفصل بودون بشكل حاد و واضح بين الطبقة العاملة و بقية طبقات المجتمع. و هنا يظهر الاختلاف الكبير بين بودون صاحب فلسفة الفقر، و كارل ماركس صاحب فقر الفلسفة في تعريف الطبقة صاحبة القوة. فحسب كلام بودون الطبقة العاملة هي الأقوى حتى من الطبقات العليا في المجتمع، بسبب نبل قضيتها.
و هنا لا بد من أن نعرج على تعريف الطبقة الاجتماعية و هي مجموعة من الأشخاص داخل مجتمع ما، يتشاركون نفس الظروف الاجتماعية و الاقتصادية، و في هذه الحالة قد يتم الخلط بين طبقة العاملين و
المعلمين، و هنا يمكننا أن نعتبر أن معلمي المدارس الحكومية تحديدا، المئة و عشرون ألف شخص، الذين يتشاركون الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و يميزهم عن غيرهم من الطبقات القريبة منهم اجتماعيا و اقتصاديا أنهم متعلمون، أي كلهم يحملون شهادات البكالورويوس على الأقل في مجالات مختلفة، تلك التي تخولهم ليقوموا بعملية التدريس، كل الذي كان ينقص هذه الطبقة لتتمايز ملامحها اجتماعيا مظلة رسمية، و كانت نقابة المعلمين، تلك النقابة التي تم رفض إنشائها لعقود، لخطورة موقعها و حساسية دورها. النقابة التي وضعت كل النقابات المهنية الأردنية ذات التاريخ الذي كان يعتبر مشرّفا في جيبها الأصغر، ليثبت التاريخ مرة أخرى، أن الطبيب و طبيب الأسنان و الصيدلي و المحامي و المهندس و الممرض لا قيمة له تذكر، لولا المعلم!